ذلك البعيد أنا

سبتمبر 4, 2011

الأيام لاتخبئ أحداً؛

Filed under: Uncategorized — by sa7e @ 11:31 م

هنا , هناك

أيٌّ منهما تليق بك؟

________

ماذا يعني لك الاستفهام؟ أنا يعني لي أشياءً كثيرة أولها أنت. ربما لازلت تحت وطأة دهشتي بقرارك, أو ربما لأنني ذو مزاج متقلب أبتعد عن الكتابة قسراً وأعود إليها محملاً بتناقضات عجيبة- فتارة أهرع نحو الشعر وأكتبه بشكلٍ نثري, وأخرى أجنح للنثر فأرصفه بشكل شعري, وفي كلتا الحالتين أكون فيها متناقضاً؛ لأنني أقول ما لا أحبذه / أفعله-. أو ربما لأنني عشقت كتابتك على الجدران فاستهجن الورق فعلتي ونفر مني, فنفرت من الكتابة. هناك أشياءً كثيرة تأتي مع الـ ربما, وهناك استفهامات كثيرة تأتي معي, ولكنك حتماً لن تجابه الكلام المختوم باستفهام؛ لأنك لاتحب أن يعرف الآخرين أخطاءك. هذه سجية لم يسلم منها الإنسان, لا أحد يحب أن يقال له: أنت ناقص. ولكنك بالفعل ناقص, وأنا أكثر منك نقصاً, وذاك أكثر مني لأنه لم يفهم أن الحياة عبارة عن مسرحية طويلة بلاجمهور, فاستغرب حينما فعل الحسن ولم يصفق له أحد. وانتظرت أذنيه ذلك كثيراً ولكن دون جدوى, فأضاع الكثير من الأدوار التي أُلزم بالقيام بها, وخسر.

” الذي يبصق في وجهك يغسله لك أيضاً “.
أتعلم مالذي أفعله الآن -غير الكتابة-؟ التأمل. لطالما ابتعدت عن التأمل خشية طرق أفكاراً خبيثة لعقلي, ولطالما جنحت بي الذاكرة إلى الأسئلة التي تداهم عقلي الصغير حينذاك, فأحاول عبثاً أن أهرب من ذاكرتي اتقاءً لتلك الصفعات التي لم تسلم منها وجنتيّ, فأقول: سبحان الله, وأنا لا أفقه حتّى معنى هذه الكلمة, ولكن الخوف الذي لا أستطيع كبحه يغلبني دائماً. ولطالما أضعت الوقت فيما لايغني ولايسمن من جوع, ولكنني مثلك بالضبط لم أكن أفكر إلا بالسلبيات. (أن تفتح لعقلك نافذة تجلب لك الاختناق بدلاً من طرده, فهذا يعني أنك فتحت النافذة التي يجب أن تحكم إغلاقها) بالضبط هذا مالم أكن أعرفه, غير أن عقارب الوقت التي أكره تكتكتها تعلل سبب قصر تفكيرك في حقبةٍ ما, وتعلمك مالم تعلم.


” ذلك البعيد أنا* “
أنت تعلم عشقي الكبير لهذا الرجل كما تعلم أنه الإنسان الذي ينقل لك البؤس ويعذبك, لا لأنه يريد أن يقتص منك, بل ليذكرك بالحضيض الذي يلعق تلك الأجساد, ويشرع لك النوافذ التي يجب أن تنظر من خلالها إلى: القرى المنسية, الطبقة المهمشة, العذابات, الفقر, الحاجة, باختصار: إلى مالا تحب أن تراه. وتعلم أيضاً أن هناك تشابهاً كبيراً بينك وبينه ولكنك تختلف عنه بدعوتك لشخصٍ واحد فقط لينظر من خلال نوافذك إلى لوحاتٍ تظن أنها سريالية, حتّى وأنت تعلم أن الواقع لايرضى أن تنسبها لغيره. هه لا أحد يفعل مثلما تفعل, غير أن الإنسان يتعلم أيضاً من أخطاءه, ولكنك تزيد من أخطاءك وكأنك تعاند نفسك. ألم تقل ذات يوم: أنك لاتحب أن تقرأ لعدنان الصائغ, لأنه يذكرك بالوطن, فتنهرني كلما ردّدت مقولته: أنحني كالقوس على نفسي ولا أنطلق, أشياء مريرة تشدني إلى الأرض. وأنت يا أيها المنحني تريد أن تنطلق, أن تعود, ولكن أشياءً مريرة تغلب ماتبتغي, فتبقى متأملاً بأظافرك الطويلة التي تركت لأسنانك تقليمها.


” الحياة مدرسة “
يكفي أن تصعد جبلاً فتطلق صرخة كبيرة, لتفهم أنك لست وحيداً. هناك جزءاً منك هرب ولكنك استطعت التحكم به عبر صرختك, ولئن اختفى ذلك الجزء, فهذا لأنك كللت ومللت من تفريغ كبتك فتوقفت عن الصراخ معلنا الخنوع لرغبة حنجرتك. شيئان لاتستطيع الانعتاق منهما: روحك, وجنسك. تستطيع أن تتقمص دور الغبي, الأبله, الشرير, الجميل, الوديع, المريض, فيصدقك الآخرين؛ لأنك تشبه الذي صعد الجبل وأطلق جزءاً منه ليتحكم به عن بعد وعندما تكل تغير الدور بآخر. ولكنك لاتستطيع أن تتقمص دور الميت لأن روحك لم يُؤذن لها بذلك, ولا دور الجنس الآخر لأنك لست مستقيماً, وكلما حاولت أن تستقيم تنكسر.
أخبرتك أن الاستفهام يعني لي أشياءً كثيرة, أنت أولها. أتعلم لماذا؟ لأنك لاتفهم معنى أن ترى حلمك نصب عينيك, ولكن يدك عاجزة عن الإمساك به, شفاهك عاجزة عن مناداته, وكأن جسدك مشولاً شللاً كاملاً. تذكرني دائماً بالسراب, كلما تقترب منه ينأى عنك وتظل تطارده, وكلما نظرت إليه تشتاق إلى قطرةٍ تغسل بها جفاف ريقك, ولكنك فجأة تجد نفسك في صحراءٍ قاحلة لاتدري مالذي أتى بك إليها, فتثوب إلى رشدك وتتذكر الخدعة التي وقعت في براثنها. هه ألا ترى أنك تدعو للاستفهام؟
” الأيام لاتخبئ شيئاً”
لكل بداية نهاية, وفي أحيان يطول انتظار النهاية إلا أن مجيئها أمراً حتمياً, وفي أحيان تنتهي البداية بعد وقتٍ قصير من بدايتها, وكل ذلك أمراً متروكاً للأيام, فهي التي تعرف متى تزيح الستار عن الحقيقة, وهي التي لا ولن تخبئ أحداً.
* عبده خال, و ذلك البعيد هي رواية ” الطين “. كما أن العنوان رواية لعبده خال أيضاً.

براعم شوق من غياب أينعت

Filed under: Uncategorized — by sa7e @ 7:15 م
( 1 ):
من يكفل لنا ” هاوية ” لا تنزلق منها أقدام الشوق؟
من يكفل لنا ” ساعة ” تتواطأ مع قلبٍ ينتظر؟
من يكفل لنا ” طاولة ” لاتخون لقاءً وهميّ؟
من يكفل لنا ” وهم ” لا يردم أمنياتنا بقبرِ صحوة؟
من يكفل لنا ” حب ” لا يقف على حافةِ فُراق؟!
 
( +1 ):

رد: براعم شوق من غيابك أينعت.

بحثتُ عنك في دفاتر الأيام, وطويتُ كلّ صفحةٍ لم ترسم آثار خطوتك عليها. فتشت في غرف الذاكرة عن عدسةٍ التقطتك ذات لقاء, ونقبّت عنك في باطن أرضي, ولا خيط استطعت الامساك به, ولا خيط استطاع إيصالي إليك. عنك أبحثُ في هيجانِ أمواجٍ تلاطمت ذات ليلةٍ بكى فيها القمر, فائضة سماؤها بمطرٍ غزير
حتّى استفاقت أرضي من نومٍ مُجدب, ولم يستفق قلبي, ولا أنا استفقت.

تعالَ وخُذني إليك..

خُذني إليك.
وربّت على أشواقي الباكية بيديك
حتّى ترضع من حلمة حضورك صمتها.
واتركني,,
وعُد من حيثُ أتيت.

خُذني يا أيها المكتنف بي, المحاصرني بجحافلِ عذوبته, المخترق متراسي بسهام حبّه. خُذني ولملم بعثرتي بك. دغدغ سُكوني بفوضويتك التي لم يمحها الغياب.
اسقني فيضُ أحضانك, ولقّني دروس العناق. افتحَ مزاريبُ قلبك؛ ودع عطشي يكرع منك. خُذني بأمانك الذي لم أره طوال غيابك. هِشّ بيديّك سرب
الأوهام, واطرد ضباب الأحلام ,و قُلّي أتيت, أتيت, أتيت.

خُذني إليك.
وامسح غُبار النسيان بيديك.
حتّى تستعيد لوحة حُضورك رونقها.
واتركني,,
وعد من حيثُ أتيت.

لا تتلكأ بمسيرك, حثّ خطاك وتعال. تعال لنعقد صفقة أُخرى تمتد لأعوام, تعال لأقتات منكْ وأُسكت ثغاء جُوعي بك. لا تجعلني أنتظر كثيرًا, لا أملك الطاقة التي يمكنني بها مجابهة الانتظار؛ فهو يقتات من القلب, وقلبي يبحث عن نبضٍ يُزيد من استمراريته.

خُذني إليك.
وارسمكَ فيني بكفيّك.
مدّد تاريخ صلاحيتك.
واتركني
وعُد من حيثُ أتيت.

خُذني إليك يا أيها القابع في أعماقي, وامحُ أخطاؤك من على جسدي. اغسلني حتّى أتجرّد من تغب الانتظار, وأستعيدُ طهارتي المسلوبة. خُذني بصمت,
وانفثُ على شمالي ثلاث, وقبلني ثلاث, وامنحني ثلاث: أنت, وأنا, والحب مرةً أخرى. وعُد من حيثُ أتيت.

خُذني إليك,
خُذني إليك,
وامنحني الأمان
بلمسةِ شفتيك.

(2 ):

من سلبيّات الغياب: وقوف العين طويلاً على ” عقربيّ ” الساعة, وانهيارها تحت وطأةِ الانتظار المكتظ بحشرجةِ صوتٍ مزّق أحشاء سكونٍ سرمدي.
ومن مساوئ الحضور: وقوف العين على عقربيّ ساعةٍ خائنة, تهرع دائريًا حول ذاتها بسرعةٍ غير ملحوظة, تاركةً الوقت يلهث من فرط التعب ودنس ” الخيانة ” الوقتية.
من مساوئ الوهم: أنه يُساعدنا في بناء أمنياتٍ كثيرة, كشقةٍ فرحٍ تطل على بحرِ لقاء, وزفاف شوقٍ بثوب رغبة, وقبلات مسروقة من أنظار ذارعو الطرقات, وبرج أحلام يلامس غيم السماء. لكنه فجأة وبدون سابق إنذار يهدم كُل مابنيناه بلمحةِ صحوة.
من مساوئ الشوق: إصابة الجسد كاملاً بعطبٍ مؤقت. تبحث الإرادة المكتنفة -بجحافل العطب- له عن دواءٍ مؤقت أيضًا. لكن هل عقارب الساعة تُكرمنا بلقاءٍ يحمل بيديه قُرص شفاء؟ هذا سؤالاً مغلفًا بأمنية قلبٍ لفظ نصف أنفاسه الحياتية, وترك النصف الآخر ليومٍ مُنتظر!

***

( +2 ):

التقينا إذن!

التقينا على طاولةِ ساعةٍ جائعة
وقبل أن نلج بابَ الحديث, انغرس
نصل الانتهاء في قلبينا.

***

( 3 ):
قمّة السخرية عندما تدلف من بيت وحدتك الفوضوي؛ بنيةِ تقليص حجم الانتظار القابع في أعماقك. وتسمقُ السخرية حينما تقف طويلاً تحت ساعةٍ رصيفية, تظن نفسك هاربًا من أشعةِ شمس صيف حارقة, متفيأً تحت دوح عقاربها الخائنة!
إنّ الانتظار خُلق لتذوقه القُلوب على مضض, وعقارب الساعة خُلقت لتبرر وجود الانتظار.*



*عنوان النص مُقتبس.

المدونة على ووردبريس.كوم.